الثلاثاء، يناير ١٥، ٢٠٠٨

حملة مش عايزينك تنزل مصر




بوش والمستحيل

حين تنظر اليه يصيبك التيه والبله والحنق والضيق وربما الغيظ من سوء مايبشر به من خراب وضياع للبلاد والعباد .
انه المجرم القاتل جورج دبليو بوش , الذى كان من ثمرة جولته فى الأراضى المحتله 18 شهيدا دفعة واحدة من بينهم حسام الزهار نجل القيادى البارز فى حركة حماس د محمود الزهار , وربما طرح سؤال هل هو أسوء من قادة العدو الصهيونى أمثال أولمرت وباراك وليفنى ؟ قلت نعم لأن قادة العدو الصهيونى معروفين وواضحين فى عدائهم السافر وظلمهم البين للعرب والمسلمين واغتصابهم للأرض وقتلهم الشجر والحجر والبشر .
الا أن بوش ينطبق عليه قول ربنا عز وجل ( هم العدو فاحذرهم ) , وليس أدل على ذلك من الحفاوة البالغة التى استقبل بها هذا القاتل المراوغ بواسطة الزعماء العرب .
وبات الانفصام النكد يتسع وتتسع فجوته بين الشعوب العربية والحكام العرب , حيث يستقبل هذا المجرم استقبال الفاتحين وبحفاوة بالغة وغير مسبوقة فى مطارات وبلاد العرب بواسطة الحكام فى الوقت الذ تعبر فيه شعوب هذه البلاد عن سخطها على هذا الرجل الغير مرغوب فيه والغير مرحب به , وفى الوقت الذى يستقبل بالورود والرقص بواسطة الحكام يستقبل بالمظاهرات وحرق صوره وفركها بالأقدام بواسطة الشعوب .

عزاؤنا فى هذا الاستقبال الحاشد والحافل من حكام العرب لهذا الجورج بوش , أنه جاء ليحقق مهمة مستحيله , فلن ينالها حتى يلج الجمل فى سم الخياط أو تبكى عليه السماء وذلك لسنة كونيه خلقها الله على وجه الأرض وهى سنة التدافع ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) فلا يمكن لأى قوة فى الأرض ان تسود وتهيمن وتفرض ارادتها الجائرة على الناس من غير أن يتصدى لها اصحاب الحق ولو كانوا ضعافا , وليس أدل على ذلك من قوى الممانعة والصمود المرابطة والمدافعة عن العرب والمسلمين فى خط الدفاع الأول وهم أصحاب دعوة الحق فى كل مكان وحركة المقاومة الاسلامية حماس وحزب الله ودولة ايران المسلمة الشقيقة , فهؤلاء يعطلون المشروع الصهيونى الأمريكى , ومن هنا كان الهدف الرئيسى من زيارة بوش للمنطقة كسر ارادة المقاومة والممانعة تمهيدا لتصفية القضية الفلسطينية وتشكيل حلف أمريكى غربى صهيونى عربى لضرب ايران لوأد مشروعها السلمى النووى حتى لاتصبح قوة عملاقة تهدد المصالح الغربية والصهيونية

وحتى ندلل على هذا الكلام ونرسل رسالة واضحة للمشككين والمهووسين بالسيد الأمريكى , سنتحدث عن أهداف زيارة بوش للأراضى الفلسطينية والخليج العربى ومصر من خلال ماصرح به جورج بوش نفسه ولن أزيد سوى التحليل والاستنتاجات من تلك التصريحات .
حين وطأت قدماه أرض فلسطين المحتله 48 أو بما يسمى الكيان الصهيونى صرح انه بات على اسرائيل أن تنهى احتلالها لأراضى 67 وأن تقام الدولة الفلسطينية , لكنه لم يوضح لنا ماهى الأراضى التى احتلتها اسرائيل عام 67 وعند أى نقطه يكون الانسحاب , وبحسب القرارات الدولية يكون الانسحاب حتى خط الرابع من يونيو حزيران وهى كل الأراضى التى احتلها اسرائيل عام 67 بما فيها القدس الشرقية , بل حين تطرق للقدس لم يلفظ بكلمة واحده تعطى انطباعا برغبة فى الانسحاب ولو جزئيا منها , بل أعلن عن يهودية الدولة الصهيونية وهذا خراب عاجل للقضية الفلسطينية لأن ذلك يعنى أنه لامكان للمسلمين والعرب فى دولة الكيان الصهيونى التى يسكن بها مليون ومئتى ألف عربى وأنه لامجال لعودة اللاجئين الفلسطينيين لبيوتهم الذين هجروا منها عامى 48 و 67 وهى داخل الكيان الصهيونى , أم الدولة الفلسطينية فهى قائمة بالفعل لكنها محتله لأنه من الناحية الواقعية اذا وجد الشعب والأرض والقيادة وزد عليهم المؤسسات كانت الدولة لكنها غير مستقله وحدودها غير معروفة.
تحدث بوش عن ضرورة ازالة مستوطنات بالضفة الغربية والقدس وهو يقصد المستوطنات العشوائية والتى يسكنها ثلاثة آلاف صهيونى فقط ولم يتحدث عن المستوطنات الدائمة التى يسكنها أكثر من مائة وخمسين الف صهيونى فلقد أعطى تعهدا قبل ذلك لشارون الهالك أنه لن يفرط فى المستوطنات وبخاصة الموجوده بالقدس الشرقية .
تحدث بوش عن التعويض للاجئين الفلسطينيين وعددهم ستة ملايين ولم يذكر حق العوده الموجود أصلا فى القرارات الدولية ومن هنا شطب للأبد حق العوده .
هاجم بوش بضراوة حركة حماس وقوى المقاومة الأخرى ونعتها بالارهاب وايده فى ذلك محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية ومن المفارقات الغريبة والعجيبة أن يلتقى بوش وعباس فى خندق واحد ضد المقاومة وكان عباس قبلها قد تلقى الصفعة المؤلمه من بوش حين جاء لمقر المقاطعة ولم يستعرض حرس الشرف الرئاسى العباسى ولم يصافح أحدا من المسئولين كعادة أى مسئول كبير يزور المقاطعة فى اهانة متعمده لحليف له فى المنطقة .
خرج الفلسطينيون المراهنون على بوش بعد جولته فى الاراضى الفلسطينية والكيان الصهيونى بخفى حنين فقد اطاح بوش بالثوابت الفلسطينية وهى الدولة الفلسطينية كاملة السياده على اراضى 67 والقدس عاصمة أبدية وازالة المستوطنات وعودة اللاجئين .
وسيظل الهدف المستحيل يراود بوش وهو القضاء على الثوابت اللسطينية مهما كان له حلفاء فى المنطقة طالما وجدت حماس وقوى المقاومة والممانعة فى فلسطين.

أما جولته الخليجية فكان الهدف الأكبر وربما الأوحد هو ايجاد حلفاء له فى المنطقة تمهيدا للضغط على ايران أو ضربها .
لاتظنوا أن المشكلة فى ايران هى كما تزعم الادارة الأمريكية فى امتلاكها للسلاح النووى أو التقنية التى تؤدى لامتلاكها السلاح النووى , فالكل يؤكد أنها لاتملك السلاح النووى بشهادة وكالة الطاقة الذرية وباعتراف ايران نفسها حتى بالتقرير الخطير للمخابرات المركزية الامريكية الذى أكد أن ايران أوقفت برنامجها النووى منذ عام 2003 ومن العجب العجاب أن بوش حين هاجم ايران بضراوة فى كل محل حط فيه فى دول الخليج أعلن أنه يشكك فى تقرير المخابرات الأمريكية .
وهنا فنحن مضطريين أن نصف بوش بالكذاب لأنه هو الذى أصرعلىأن العراق يمتلك أسلحة كيماوية ويهدد جيرانه وفى سبيله لامتلاك السلاح النووى وشن حربا ضروسا على العراق أكلت الأخضر واليابس وقتلت وشردت الملايين من أهل العراق وأسست لفتنة كبرى بين السنة والشيعة .
ذهب الرجل لدعم جيوشه فى الخليج وبخاصة الأسطول السادس فى البحرين وأكبر قاعدة عسكريةأمريكية فى العالم فى دولة قطر ولتوفير الدعم المالى من الامارات والسعودية والكويت لضربة محتمله موجهة لايران لأنه لايريدها أن تمتلك التقنية النوويه لتصبح دولة عظمى تهدد المصالح الأمريكية والصهيونية وبخاصة أنها خارج الحظيرة الأمريكية .
أما مصر فلمزيد من الابتزاز للنظام المصرى ولايجاد تواجد أمريكى على الحدود المصرية الفلسطينية لمنع تهريب السلاح كما يزعم بوش وفى الحقيقة هذا التواجد لتضييق الخناق على قطاع غزة حتى يعلن الاستسلام وينهار حكم حماس لصالح الأجندة الصهيونية , ودعك من الحديث عن الديموقراطية فى مصر والعالم العربى لأنه أصبح حديثا سخيفا لاقيمة له .
مهمة بوش مستحيلة ولن يجنى من ورائها سوى الفشل الذريع , وكما فشل فى افغانستان والعراق سيفشل فى فلسطين والخليج , لأن القوى الحية وهى قوى الصمود والمقاومة والممانعة ستظل له بالمرصاد تحقيقا لسنة التدافع على الأرض .
د محمد يوسف