بين إضرابى 6 إبريل و 4 مايو
من الخطأ الفادح أن ننظر لإضراب 4 مايو بنفس المعايير التى كانت فى إضراب 6 إبريل لأن هناك فارق شاسع بين الحالتين أقواها إختلاف المزاج العام للمجتمع فى الحالتين فقبل إضراب 6 إبريل كان الإحتقان الشديد فى مزاج الشعب المصرى قد بلغ الذروه وفى الحالة الثانية هدأ هذا الإحتقان بشدة وإن كان مؤقتا لأنه جاء بأسلوب المسكنات وليس بالعلاج من الجذور
هب أننا الآن قبل إضراب 6 إبريل مالحالة التى كانت سائدة
1 – غلاء اسعار معظم السلع وبخاصة الغذائية منها بنسبة تتراوح بين 40 % الى 300 %
2 – طوابير رغيف الخبز وسقوط الشهداء بسبب الزحام الشديد وهو الغذاء الرئيسى الذى يعتمد عليه المواطن المصرى
3 – انهيار الخدمات والمرافق فى الدولة وسوء تقديم الخدمة
4 – الفساد الرهيب الذى عشعش ونخر كالسوس فى كل مؤسسات الدولة وزيادة البطالة
5 – الإنسداد السياسى وإلغاء مصطلح الإصلاح السياسى من أجندة النظام المصرى وآخرها التزوير الفاضح الذى تم فى انتخابات المجالس المحلية واقصاء قوى المعارضة الرئيسية ( يذكر أن الداعين للإضراب على موقع الفيس بوك ذكروا أن من أسباب اختيار 6 أبريل هومجيئه قبل اجراء الإنتخابات المحلية بيومين حيث سيكون التزوير هو سيد الموقف وهى رسالة تحذير للنظام )
6 – الغباء الشديد الذى تعاملت به أجهزةالأمن مع دعوة الإضراب حيث أصدرت البيانات التى تهدد وتتوعد فيه الداعين للإضراب وقامت بحملة اعتقالات عنيفة قبل وأثناء يوم الإضراب مما جعل جمهور كبير من الشعب المصرى يجلس فى بيته أو يغلق محله ايثارا للعافية وليس اقتناعا بفكرة الإضراب فألقى ذلك بظلاله على انسياب الحركة المرورية وانخفاض كبير فى عدد طلبة المدارس والجامعات
7 – القوة العمالية التى شكلتها مدينة المحلة الكبرى وتأثيرها الكبير فى تبنى دعوة الإضراب والأحداث الكبيرة التى مرت بها المدينة ألقت بزخم إعلامى واضراب شامل فىالمدينة
والسؤال الآن , هل تغير من ذلك شئ قبل إضراب 4 مايو ؟
هناك ثابت وهناك متغير حقيقى وهناك متغير لحظى
أما الثابت فهو 1 , 3 , 4 , 5 (اذا استثنيتا منه انتهاء حدث الإنتخابات المحلية )
أما المتغير الحقيقى فهو (6) حيث استوعبت الأجهزة الأمنية الدرس ولم تنشر حالة الرعب والفزع فى صفوف الجمهور وتجاهلت دعوة المضربين ولم تشن حملة اعتقالات جديدة بل قامت بالإفراج عن بعض المعتقلين على خلفية اضراب 6 إبريل وذلك باستثناء مدينة المحلة التى تحولت لسكنة عسكرية خوفا من تجدد الإضطرابات فيها مما جعلها تبدو كمدينة أشباح حيث أغلقت المحال التجارية أبوابها وامتنع الناس عن النزول للشارع وإن ظلت الحركة العمالية فى المصانع فى معدلها الطبيعى
أما المتغير اللحظى هو ( 2 ) حيث بدأت مشكلة طوابير الخبز فى التراجع وإن ظلت قائمة , وهو متغير لحظى لأن المشكلة فى قلة إنتاج رغيف الخبز وليس فى التوزيع وهذا مرتبط بتوفير القمح والدقيق وزيادة الإنتاج وهذا غير متوفر حتى اللحظة
والمتغير اللحظى الثانى هو الوهم الكبير الذى ربما صدقه غالبية المصريين فى فرية زيادة العلاوة الإجتماعية الى 30 % وهى فى حد ذاتها نجاح غير مسبوق لإضراب 4 مايو حيث أجبر النظام لأول مرة للخضوع لبعض مطالب المحتجين
تعالوا معا نحلل الأكذوبة الكبرى المسماه بزيادة العلاوة الى 30 % من الراتب الأساسى
1 – هب أن موظفا حكوميا يتلقى راتبا قدره 600 جنيها فيكون اساسى الراتب 300 جنيها مثلا يعنى سيزيد راتبه لأقل من 100 جنيها هى فى الحقيقة 50 جنيها فقط لان العلاوة الدورية فى شهر 7 القادم 15 % يعنى 50 جنيها وهذا يعنى أن الزيادة الحقيقية فى الراتب لم تتعد 8 % فى مقابل الأسعار التى زادت ب 300 %
2 – أعلن أن الموارد لتلك الزيادة غير متوفرة وعلى الحكومة أن توفرها , فمن أين الموارد ؟ هذا يعنى عبء آخر على المواطنين , وهذا ماحدث بالفعل حيث أعلنت الحكومة عن صدمة مدوية للشعب المصرى بزيادة البنزين والسولار والمحروقات الى أكثر من 40 % وهذا يعنى ارتفاع جنونى فى كل أسعار السلع الرئيسية , ويدلل ذلك على أن ماتعطيه الحكومة باليمين تأخذ أضعافه مضاعفة باليسار وفى النهاية زيادة العبء على الشعب المصرى لدرجة الإنفجار
إن النجاح الكبير لإضراب 4 مايو هو مجرد تنفيذه وسط هذه المتغيرات والذى أعطى زخما كبيرا لإنضمام جماعة الإخوان له حيث تم التأكيد على سلمية الإضراب بالبقاء فقط فى البيوت وعدم السماح للفوضى والتخريب كما حدث فى إضراب 6 أبريل أما أعداد المشاركين فلن يقل أبدا عن مئات الألوف وربما الملايين لكن العدد لن يكون ظاهرا بسبب فكرة البقاء فى المنزل وعدم النزول للشارع وتحريك المظاهرات
ويبدوا أن النجاح الأبرز للإضرابات أنها أصبحت الآن ثقافة مجتمع فلم تعد الفكرة غريبة علية والمواطن على استعداد لتطبيق وتصعيد هذه الفكرة ان لم تتحسن الأحوال السياسية والاإقتصادية
وهى لن تتحسن فى ظل نظام يعتمد على القمع البوليسى
د محمد يوسف
من الخطأ الفادح أن ننظر لإضراب 4 مايو بنفس المعايير التى كانت فى إضراب 6 إبريل لأن هناك فارق شاسع بين الحالتين أقواها إختلاف المزاج العام للمجتمع فى الحالتين فقبل إضراب 6 إبريل كان الإحتقان الشديد فى مزاج الشعب المصرى قد بلغ الذروه وفى الحالة الثانية هدأ هذا الإحتقان بشدة وإن كان مؤقتا لأنه جاء بأسلوب المسكنات وليس بالعلاج من الجذور
هب أننا الآن قبل إضراب 6 إبريل مالحالة التى كانت سائدة
1 – غلاء اسعار معظم السلع وبخاصة الغذائية منها بنسبة تتراوح بين 40 % الى 300 %
2 – طوابير رغيف الخبز وسقوط الشهداء بسبب الزحام الشديد وهو الغذاء الرئيسى الذى يعتمد عليه المواطن المصرى
3 – انهيار الخدمات والمرافق فى الدولة وسوء تقديم الخدمة
4 – الفساد الرهيب الذى عشعش ونخر كالسوس فى كل مؤسسات الدولة وزيادة البطالة
5 – الإنسداد السياسى وإلغاء مصطلح الإصلاح السياسى من أجندة النظام المصرى وآخرها التزوير الفاضح الذى تم فى انتخابات المجالس المحلية واقصاء قوى المعارضة الرئيسية ( يذكر أن الداعين للإضراب على موقع الفيس بوك ذكروا أن من أسباب اختيار 6 أبريل هومجيئه قبل اجراء الإنتخابات المحلية بيومين حيث سيكون التزوير هو سيد الموقف وهى رسالة تحذير للنظام )
6 – الغباء الشديد الذى تعاملت به أجهزةالأمن مع دعوة الإضراب حيث أصدرت البيانات التى تهدد وتتوعد فيه الداعين للإضراب وقامت بحملة اعتقالات عنيفة قبل وأثناء يوم الإضراب مما جعل جمهور كبير من الشعب المصرى يجلس فى بيته أو يغلق محله ايثارا للعافية وليس اقتناعا بفكرة الإضراب فألقى ذلك بظلاله على انسياب الحركة المرورية وانخفاض كبير فى عدد طلبة المدارس والجامعات
7 – القوة العمالية التى شكلتها مدينة المحلة الكبرى وتأثيرها الكبير فى تبنى دعوة الإضراب والأحداث الكبيرة التى مرت بها المدينة ألقت بزخم إعلامى واضراب شامل فىالمدينة
والسؤال الآن , هل تغير من ذلك شئ قبل إضراب 4 مايو ؟
هناك ثابت وهناك متغير حقيقى وهناك متغير لحظى
أما الثابت فهو 1 , 3 , 4 , 5 (اذا استثنيتا منه انتهاء حدث الإنتخابات المحلية )
أما المتغير الحقيقى فهو (6) حيث استوعبت الأجهزة الأمنية الدرس ولم تنشر حالة الرعب والفزع فى صفوف الجمهور وتجاهلت دعوة المضربين ولم تشن حملة اعتقالات جديدة بل قامت بالإفراج عن بعض المعتقلين على خلفية اضراب 6 إبريل وذلك باستثناء مدينة المحلة التى تحولت لسكنة عسكرية خوفا من تجدد الإضطرابات فيها مما جعلها تبدو كمدينة أشباح حيث أغلقت المحال التجارية أبوابها وامتنع الناس عن النزول للشارع وإن ظلت الحركة العمالية فى المصانع فى معدلها الطبيعى
أما المتغير اللحظى هو ( 2 ) حيث بدأت مشكلة طوابير الخبز فى التراجع وإن ظلت قائمة , وهو متغير لحظى لأن المشكلة فى قلة إنتاج رغيف الخبز وليس فى التوزيع وهذا مرتبط بتوفير القمح والدقيق وزيادة الإنتاج وهذا غير متوفر حتى اللحظة
والمتغير اللحظى الثانى هو الوهم الكبير الذى ربما صدقه غالبية المصريين فى فرية زيادة العلاوة الإجتماعية الى 30 % وهى فى حد ذاتها نجاح غير مسبوق لإضراب 4 مايو حيث أجبر النظام لأول مرة للخضوع لبعض مطالب المحتجين
تعالوا معا نحلل الأكذوبة الكبرى المسماه بزيادة العلاوة الى 30 % من الراتب الأساسى
1 – هب أن موظفا حكوميا يتلقى راتبا قدره 600 جنيها فيكون اساسى الراتب 300 جنيها مثلا يعنى سيزيد راتبه لأقل من 100 جنيها هى فى الحقيقة 50 جنيها فقط لان العلاوة الدورية فى شهر 7 القادم 15 % يعنى 50 جنيها وهذا يعنى أن الزيادة الحقيقية فى الراتب لم تتعد 8 % فى مقابل الأسعار التى زادت ب 300 %
2 – أعلن أن الموارد لتلك الزيادة غير متوفرة وعلى الحكومة أن توفرها , فمن أين الموارد ؟ هذا يعنى عبء آخر على المواطنين , وهذا ماحدث بالفعل حيث أعلنت الحكومة عن صدمة مدوية للشعب المصرى بزيادة البنزين والسولار والمحروقات الى أكثر من 40 % وهذا يعنى ارتفاع جنونى فى كل أسعار السلع الرئيسية , ويدلل ذلك على أن ماتعطيه الحكومة باليمين تأخذ أضعافه مضاعفة باليسار وفى النهاية زيادة العبء على الشعب المصرى لدرجة الإنفجار
إن النجاح الكبير لإضراب 4 مايو هو مجرد تنفيذه وسط هذه المتغيرات والذى أعطى زخما كبيرا لإنضمام جماعة الإخوان له حيث تم التأكيد على سلمية الإضراب بالبقاء فقط فى البيوت وعدم السماح للفوضى والتخريب كما حدث فى إضراب 6 أبريل أما أعداد المشاركين فلن يقل أبدا عن مئات الألوف وربما الملايين لكن العدد لن يكون ظاهرا بسبب فكرة البقاء فى المنزل وعدم النزول للشارع وتحريك المظاهرات
ويبدوا أن النجاح الأبرز للإضرابات أنها أصبحت الآن ثقافة مجتمع فلم تعد الفكرة غريبة علية والمواطن على استعداد لتطبيق وتصعيد هذه الفكرة ان لم تتحسن الأحوال السياسية والاإقتصادية
وهى لن تتحسن فى ظل نظام يعتمد على القمع البوليسى
د محمد يوسف