الأحد، مايو ٢٤، ٢٠٠٩

الخيار الثالث


الخيار الثالث
حين تحلم بالتغيير المنشود على أرض الوطن فليس لديك خيار سوى الاختيار بين السئ والأسوء ولعل الفوضى العارمه التى نعيشها الآن تنبئ عن الحصاد المر الناتج من السياسات التى ترسمها لجنة السياسات التى يقودها نجل الرئيس المصرى جمال مبارك , ولعل تصريحه الأخير لمحطة سى ان ان الأمريكيه يلقى بظلاله كشاهد حقيقى على حالة التردى التى وصلنا اليها فى مصرنا المحروسه , فلقد صرح تصريحا خطيرا مفاده أن سوء توزيع الثروة فى مصر أفضل من توزيع عادل للبؤس , وهو اعتراف خطير بسيطرة رأس المال على الوطن ودليل على تزاوج المال والسلطة ولذا عليك أخى المواطن أن ترفع شعار ليس بالإمكان أبدع مما كان وعلى المصريين أن يقبّلوا آياديهم صباح مساء على ماهم فيه من خير يصب فوق رؤوسهم صبا وألا يطمحوا أو يطمعوا فى أكثر من ذلك
وعلى مايبدوا أنها أصبحت ثقافه تلقى بظلالها على المجتمع ويغذيها الإعلام السلبى الرسمى حتى لايترك للإصلاح المنشود مجالا وأن لايرى المواطنون أكثر من المكان الذى يقفون عليه يعنى محلك سر وأن أى سير للأمام يعنى التخبط والهلاك وأضغاث الأحلام التى تؤدى للبؤس
لو وجدت نفسك فى موسم انتخابات تدرك أن أصواتا تنادى بانتخاب بعض الفاسدين ولو تحدثت مع هذه الأصوات لماذا تصر على انتخاب شخص تعى وتعلم بأنه فاسد سرق قوت الشعب ولم يفعل شيئا سوى جمع المال لمصلحته الشخصيه ؟ فاجأك بإجابة مروعه , أعرف تماما ماتقول وأكثر ولكن هذا الفاسد شبع سرقه حتى التخمه وليس هناك مجال ليسرق أكثر , لكنك حين تغير فسوف تأتى بفاسد آخر فلعله يبدأ سرقه من البدايه حتى التخمه مرة أخرى , فأيهما أفضل ؟ ولعله الخيار المر مرة أخرى هو أن يحشرك فى الزاوية لتختار بين السئ والأسوء
ضع نفسك فى أى مؤسسة حكومية وقيم مع الموظفين إدارة هذه المؤسسة , ستفاجأ بأن التقييم فى أغلب المدراء ينصب حول أيهما أسوء وأيهما أقل سوء ثم عليك أن تتحصر على الأيام التى خلت كانت فيها الإدارة أقل سوء وتندب حظك على مافات فى ظل هذه الإدارة الأقل سوء التى عشت فى عهدها السعيد وتمنيت أن تستمر لزمن مجيد
ينطبق ذلك على نظام الحكم فى مصر وكل شئ يدير هذا الوطن , ولسنا بعيدين عن تصريح جورج بوش الشهير بعد اعلانه الحرب على ماأسماه الارهاب بعد أحداث 11 سبتمبر حيث قال ونفذ ماقال من ليس معنا فهو علينا ولم يترك خيارا ثالثا لمن يريد أن لايكون معه أو مع مايسمى بالارهاب
وإذا انتقدت وضعا مخلا فى أى مجال مثل انشاء مدارس للرقص الخليع فى مصر قالوا لك أن هذا يحدث فى كل أنحاء العالم وبخاصه أوروبا على اعتبار اوروبا هى العالم المتقدم المتحضر وليس عيبا أن ننقل منهم وعلى ذلك ليس أمامك خيار آخر وعلينا أن ننقل الحلو والمر منهم كالتقدم التكنولوجى والعرى والخلاعة
أذكر أن رجلا يقوم بعمله خير قيام فى أحد الوزارات وأراد بعض الأفراد أن يرودوه فى أمر ليس من حقهم , فيه هضم لحقوق وممتلكات الدوله فرفض بشده فصب هؤلاء الأفراد جام غضبهم عليه متهمين اياه بكل نقيصه وعندما تذكرهم بأن هذا الرجل يكفيه اخلاصه فى عمله وعدم قبوله أى رشى , أقروا بذلك غير أنهم يفاجئوك بقولهم ليته يقبل الرشى وينفذ مصالحنا فهذا أفضل , عندها تدرك أن جل المشكله فى الناس وليس الحكام
وحين تطلق صيحة التغيير الى الأفضل يحبطك المثبطون بمنتهى السلبية , ويقولون اذا فعلت ذلك فإن القمع سيحاصرك حتى النخاع وستجد نفسك فى المعتقلات ولن تستطيع أن تفعل شيئا ومايريده النظام هو الواقع الذى ننام عليه ونصحو شئت أم أبيت
ذكرونى بمسرحية حلم فى الممنوع حين تجرأ أحد المواطنين ورأى فى منامه أن عهد الديكتاتوريه قد ولى وأنه يعيش فى عصر الحريات فإذا بالمستبدين يلقون القبض عليه بعد علمهم بخبر الحلم ويدخلوه المعتقل مع وجبه دسمه من التعذيب , اذ كيف يتجرأ هذا المواطن ويحلم فى الممنوع , على الرغم من أن الحلم ليس للانسان خيار فيه وهو فيه مسير وليس مخير ا حيث يحاسب الانسان على فعله وخياره وليس على وجدانه وتفكيره, يحدث هذا فى الشرائع السماوية وحتى فى القوانين الوضعية
إن قذائف الإحباط موجهة ومقصوده وإن دفع اليأس فى النفوس والقلوب مخطط مرسوم المعالم حتى لايكون هناك أى أمل فى اصلاح أوتغيير للأفضل وهو الخيار الثالث الذى يجب أن نسعى اليه جميعا
يقول تعالى جل شأنه ( إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم ) فنحن بحاجة ماسه قبل التغيير الى ارادة التغيير ومن ثم وجب علينا التوقف تماما عن الخيارين الأسوأين الذين كلاهما مر وأن نسعى للخيار الثالث , ولقد اطلقها أبو القاسم الشابى صيحة مدوية ( اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر , ولابد لليل أن ينجلى ولابد للقيد أن ينكسر )
حين نتعاون على البر والتقوى ونتحرر من قيود التبعية والذل والهوان والخيار بين السئ والأسوء ولانخشى فى الله لومة لائم ويصبح الهم العام أولى من الهم الخاص وقتها نكون قد بدأنا نسير على الطريق الصحيح نحو الحرية والكرامة والرخاء والإزدهار والتقدم
د محمد يوسف