لماذا أعلنت النسبة بين جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس؟
عدنان سليم أبو هليل
الشرق القطرية
18/12/2008
لقد كان الاحتفال الذي أقامته حركة حماس بذكرى انطلاقتها الحادية والعشرين مميزا باعتبار الظرف الذي جاء فيه وكونه يأتي قبيل انتهاء التهدئة وانتهاء ولاية بوش وعباس وأولمرت وما قد يتمخض عن ذلك من تحديات أو بالنظر لعدد ونوعية الجماهير التي احتشدت في ساحة الكتيبة أو من حيث الكلمات التي ألقيت والإشارات والرسائل التي صدرت.. ولكن ثمة إشارة كانت فارقة جدا وشكلت انعطافة كبيرة ستكون لها – فيما أرى - آثارها على وعي الرأي العام وعلى مجمل علاقات حماس وعلى وزنها النسبي في المنطقة وهي قيام الشيخ عبد الفتاح دخان بتلقين الجماهير المحتشدة قسَمَ البيعة الداخلية لجماعة (الإخوان المسلمين) ما عده المراقبون اعترافا تصريحيا بأن حماس وليدة تلك الجماعة لا أيديولوجيا وفكريا وتآزريا – فقط – ولكن انتمائيا وتنظيميا وبنيويا، وتشكيلا وحالا وسلوكا .. فهل جاء هذا الإعلان ارتجالا أو مبادرة فردية من الشيخ دخان ومن وحي خاطره وانفعالا باللحظة وانسياقا وراء العاطفة ؟ وإن كان موقفا من حماس فهل يأتي في باب النكاية بخصومها الذين اجتمعوا على عداوتها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار الفلسطيني والعربي، ونكاية بالنظام المصري المعادي للإخوان كما قد يظن البعض ؟ أم هي خطوة محسوبة ومكاسب مرصودة وحكمة ترى حماس أنها ستضيف لها شيئا ؟ وإذا كانت كذلك فهل تنبهت حركة حماس والإخوان إلى ما سيعنيه ذلك على علاقاتهما البينية ثم على علاقاتهما مع الجهات التي قد تجد هامشا للمناورة في حيز الفرق بين الحركة والجماعة ؟ وهل تدركان ما قد يترتب على خطوة تصريحية من هذا القبيل من مخاطر وتحديات وإشكالات أم غفلتا عن ذلك ؟
وأقول: أما أنها نكايات سياسية وارتجاليات عاطفية فذلك أبعد ما يكون عن سياسة وفكر جماعة الإخوان المسلمين وأبعد ما يكون عن سياسة وفكر حركة حماس وبالذات في ظل هذا الاستهداف العام الذي تتعرضان له .. وإن تراكم النجاحات التي تحققانها سواء على الساحة الدولية والإقليمية والفلسطينية أو على الأصعدة النظرية والفكرية والعملية الميدانية، أو فيما يتعلق بالامتداد الشعبي والتمثيل الرسمي.. فلا يمكن أن يكون كل ذلك مجرد اجتهادات فردية أو نظرة حزبية أو نتاج انفعالات عاطفية – هكذا تقول سنن الله تعالى وحركة التاريخ حتى لو شاء البعض ألا يصدق الوقائع أو أراد أن ينكرها من زاوية حزبيته وتحكماته وأهوائه – وأما أن حماس والإخوان قد تكونان غافلتين عما ستفرضه هذه الانعطافة من تحديات فهذا كذلك لا يقال عمن خبروا السياسة ومارسوها في ظل حالة استثنائية من التحديات والمكان والزمان ومنذ أن وجدوا في قلب الصراع.
إن لهذه النسبة منطقا تقوم عليه وهدفا تسعى إليه؛ أما أنها نسبة منطقية فلأن حماس فلسطين هي إخوان فلسطين ليس في ذلك لبس أو خلاف، ثم إن انتسابها لجماعة الإخوان مفخرة لها وإضافة وشرف، بما تمثله هذه الجماعة من منهجية إسلامية وصفاء عقدي ووسطية فكرية وجهاد وتراكم خبرات، جعلها تمتد زمنيا ومكانيا وبشريا حتى لم يخل منها يوم منذ نشأت ولا تكاد تخلو منها مدينة أو قرية عبر القارات هذا بالطبع سوى أثرها على مجمل الفكر والصحوة الإسلامية .. ثم هي نسبة منطقية من جهة الإخوان كذلك فحماس بالنسبة للإخوان ابن شرعي بل هي كأحسن الأبناء وأنجحهم .. ثم هي التمثل الجهادي العملي لفكر الإخوان المسلمين، وقد أفلحت في ردع العدو واستطاعت تصويب مسار السلطة الفلسطينية ومنعتها من أن تكون جزءا من معادلة تثبيت وتطبيع الاحتلال الصهيوني – كليا في غزة وجزئيا في الضفة – واستطاعت تحجيم ولجم سطوة قيادة منظمة التحرير على الثوابت الوطنية والدينية وتفريطها بها .. وكلها إنجازات لم تكن لتتحقق بدون حماس ومن في حلفها من فصائل المقاومة والشرف في ليل العرب البارد الجامد الطويل.
هذا الجانب المنطقي من الإعلان.. أما الهدف الذي تسعى إليه؛ فليس منكورا أن التحديات قد أصبحت في غاية جدية والخطورة فيما يتعلق باحتمال عدم تجديد التهدئة مع العدو وأن تنتقل إليها سلطات الرئيس الفلسطيني بعد انتهاء صلاحية عباس ما سيترتب عليه تفاعلات وتطورات قد تصل لاجتياح القطاع من قبل العدو وإعلان غزة إقليما متمردا من قبل قيادة رام الله واحتمال تحريك عناصر الفلتان الأمني .. وهؤلاء لا يخفون أن هدفهم وأولويتهم في هذه المرحلة هو إنهاء حكم حماس والقضاء على تجربتها.. ذلك فرض على حماس أن تصرح بنسبها وأن تنادي آباءها الحقيقيين بدون مناورة بين الانتماء الفكري والانتماء التنظيمي والبنيوي للإخوان المسلمين.
وعلى إخوان العالم أن يتنبهوا لخطورة الموقف وأن يكون لهم دور في الدرء عن حركتهم– حماس – وأن يكون تحركهم فاعلا جماهيريا ومؤسسيا وأن يضعوا ثقلهم ووزنهم الاستراتيجي وكل إمكاناتهم في هذه النصرة وأن يَحولوا دون التئام والتمام (أبي جهل وكسرى وقيصر وابن سلول) لانتهاشها وتبديد مكتسباتها .. هذا لا يعني أن حماس ضعيفة أو أن أعداءها وخصومها قد بلغوا غاية المقصود في تهديدها.. والكلام هنا يطول ويتداخل فيه القدري بالسببي، والمحلي بالإقليمي والدولي، والعقائدي بالوطني، والشعبي بالرسمي، والحزبي بالجهوي، وتتداخل فيه قدرة حماس على المبادرة والفعل بقدرتها على الصمود والاستمرار .. ولكن ذلك كله لا يعني في نظر حماس أن تتواكل ولا أن تترك زمام المبادرة ولا أن تغفل عن وضع الأمور في نصابها.
لقد أرادت أن تقول لإخوان العالم كلهم شيئا وللعدو أشياء ؛ أما الإخوان فأرادت أن تقول لهم بكلمات قليلة وعبارات واضحة: نحن أنتم وأنتم نحن ولا انفكاك بيننا، ولا مناص لكم في التخلف عن نصرتنا، ولا معنى بعد اليوم لكلام لا يدعّمه العمل أو لدعوى لا يؤكدها الدليل.. أرادت أن تقول لهم ولأنصارهم خاصة ولكل الإسلاميين والوطنيين عامة: إن نهلك بعد الذي وصلناه فلن تقوم لكم قائمة في شعوبكم ولا في غيرها لعشرات وربما لمئات السنين القادمة، وأرادت أن تقول إن كل من يرفع شعار الله غايتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا هو اليوم على المحك إذ نرفع مثله وإذ ننادي بما ينادي وإذ نعطيه البيعة ! هذه رسالة كبيرة واستراتيجية كان يجب أن تصل بكلمات قليلة قاطعة وجامعة مانعة، وأن يكون لقائلها من الرمزية الإخوانية ثم الحمساوية ما يرفع قيمتها وأهميتها ويلقي عليها القدر الكافي من الجدية.. فجاءت الكلمات ملخصة في قسم البيعة الإخوانية الداخلية.. وكان الملقِّن الذي يلقيها في أفواه الجماهير هو الشيخ عبد الفتاح دخان الذي هو أحد أبرز رموز وقيادات الإخوان الفلسطينيين قبل أن يكون أحد أبرز رموز حماس وقياداتها.
وأرادت حماس أن تقول لأعدائها وخصومها: لن تستطيعوا اجتثاثنا في كل الأحوال وتحت أية ظروف، فحماس هي الإخوان والإخوان هم حماس.. وأرادت أن تقول للذين يزهدون في تجربتها السياسية والجهادية ويحاولون قصرها على الواحدة والعشرين سنة الماضية: إن حماس أبعد منكم تاريخا وأعمق منكم جذورا وأوسع منكم تجربة إذ تنتمي لتاريخ وفكر وإستراتيجية الإخوان المسلمين الذين لم يعد يخلو منهم زمان أو مكان والذين حملوا القضية وقدموا التضحيات وقاتلوا في ثلاثينيات القرن الماضي باسم ثورة القسام وفرحان السعدي، وفي أربعينياته باسم كتائب المجاهدين والمتطوعين وأحمد عبد العزيز وكامل الشريف وفي أواسط ستينياته باسم أبو عمار وأبو جهاد وفي أواخرها باسم معسكرات الشيوخ وأن انتفاضات الـ87 و2000 هي تطور طبيعي ومرحلة مكملة لسلسلة طويلة من الجهود التراكمية ولم تكن البداية كما لن تكون النهاية.
آخر القول: إن انتساب حماس للإخوان لم يكن موضع شك أو تجاهل في يوم من الأيام ولكنه اقتصر على معنى الولاء الفكري والمرجعية الرمزية إلى أن أعلن الشيخ دخان ما أعلنه يوم مهرجان انطلاقة حماس الحادي والعشرين .. ما يعني أن أية مواجهة مع حماس بعد هذا اليوم إذا أخذت منحى استراتيجيا فقد تتجاوز آثارها حدود فلسطين الجغرافية والحزبية.
عدنان سليم أبو هليل
الشرق القطرية
18/12/2008
لقد كان الاحتفال الذي أقامته حركة حماس بذكرى انطلاقتها الحادية والعشرين مميزا باعتبار الظرف الذي جاء فيه وكونه يأتي قبيل انتهاء التهدئة وانتهاء ولاية بوش وعباس وأولمرت وما قد يتمخض عن ذلك من تحديات أو بالنظر لعدد ونوعية الجماهير التي احتشدت في ساحة الكتيبة أو من حيث الكلمات التي ألقيت والإشارات والرسائل التي صدرت.. ولكن ثمة إشارة كانت فارقة جدا وشكلت انعطافة كبيرة ستكون لها – فيما أرى - آثارها على وعي الرأي العام وعلى مجمل علاقات حماس وعلى وزنها النسبي في المنطقة وهي قيام الشيخ عبد الفتاح دخان بتلقين الجماهير المحتشدة قسَمَ البيعة الداخلية لجماعة (الإخوان المسلمين) ما عده المراقبون اعترافا تصريحيا بأن حماس وليدة تلك الجماعة لا أيديولوجيا وفكريا وتآزريا – فقط – ولكن انتمائيا وتنظيميا وبنيويا، وتشكيلا وحالا وسلوكا .. فهل جاء هذا الإعلان ارتجالا أو مبادرة فردية من الشيخ دخان ومن وحي خاطره وانفعالا باللحظة وانسياقا وراء العاطفة ؟ وإن كان موقفا من حماس فهل يأتي في باب النكاية بخصومها الذين اجتمعوا على عداوتها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار الفلسطيني والعربي، ونكاية بالنظام المصري المعادي للإخوان كما قد يظن البعض ؟ أم هي خطوة محسوبة ومكاسب مرصودة وحكمة ترى حماس أنها ستضيف لها شيئا ؟ وإذا كانت كذلك فهل تنبهت حركة حماس والإخوان إلى ما سيعنيه ذلك على علاقاتهما البينية ثم على علاقاتهما مع الجهات التي قد تجد هامشا للمناورة في حيز الفرق بين الحركة والجماعة ؟ وهل تدركان ما قد يترتب على خطوة تصريحية من هذا القبيل من مخاطر وتحديات وإشكالات أم غفلتا عن ذلك ؟
وأقول: أما أنها نكايات سياسية وارتجاليات عاطفية فذلك أبعد ما يكون عن سياسة وفكر جماعة الإخوان المسلمين وأبعد ما يكون عن سياسة وفكر حركة حماس وبالذات في ظل هذا الاستهداف العام الذي تتعرضان له .. وإن تراكم النجاحات التي تحققانها سواء على الساحة الدولية والإقليمية والفلسطينية أو على الأصعدة النظرية والفكرية والعملية الميدانية، أو فيما يتعلق بالامتداد الشعبي والتمثيل الرسمي.. فلا يمكن أن يكون كل ذلك مجرد اجتهادات فردية أو نظرة حزبية أو نتاج انفعالات عاطفية – هكذا تقول سنن الله تعالى وحركة التاريخ حتى لو شاء البعض ألا يصدق الوقائع أو أراد أن ينكرها من زاوية حزبيته وتحكماته وأهوائه – وأما أن حماس والإخوان قد تكونان غافلتين عما ستفرضه هذه الانعطافة من تحديات فهذا كذلك لا يقال عمن خبروا السياسة ومارسوها في ظل حالة استثنائية من التحديات والمكان والزمان ومنذ أن وجدوا في قلب الصراع.
إن لهذه النسبة منطقا تقوم عليه وهدفا تسعى إليه؛ أما أنها نسبة منطقية فلأن حماس فلسطين هي إخوان فلسطين ليس في ذلك لبس أو خلاف، ثم إن انتسابها لجماعة الإخوان مفخرة لها وإضافة وشرف، بما تمثله هذه الجماعة من منهجية إسلامية وصفاء عقدي ووسطية فكرية وجهاد وتراكم خبرات، جعلها تمتد زمنيا ومكانيا وبشريا حتى لم يخل منها يوم منذ نشأت ولا تكاد تخلو منها مدينة أو قرية عبر القارات هذا بالطبع سوى أثرها على مجمل الفكر والصحوة الإسلامية .. ثم هي نسبة منطقية من جهة الإخوان كذلك فحماس بالنسبة للإخوان ابن شرعي بل هي كأحسن الأبناء وأنجحهم .. ثم هي التمثل الجهادي العملي لفكر الإخوان المسلمين، وقد أفلحت في ردع العدو واستطاعت تصويب مسار السلطة الفلسطينية ومنعتها من أن تكون جزءا من معادلة تثبيت وتطبيع الاحتلال الصهيوني – كليا في غزة وجزئيا في الضفة – واستطاعت تحجيم ولجم سطوة قيادة منظمة التحرير على الثوابت الوطنية والدينية وتفريطها بها .. وكلها إنجازات لم تكن لتتحقق بدون حماس ومن في حلفها من فصائل المقاومة والشرف في ليل العرب البارد الجامد الطويل.
هذا الجانب المنطقي من الإعلان.. أما الهدف الذي تسعى إليه؛ فليس منكورا أن التحديات قد أصبحت في غاية جدية والخطورة فيما يتعلق باحتمال عدم تجديد التهدئة مع العدو وأن تنتقل إليها سلطات الرئيس الفلسطيني بعد انتهاء صلاحية عباس ما سيترتب عليه تفاعلات وتطورات قد تصل لاجتياح القطاع من قبل العدو وإعلان غزة إقليما متمردا من قبل قيادة رام الله واحتمال تحريك عناصر الفلتان الأمني .. وهؤلاء لا يخفون أن هدفهم وأولويتهم في هذه المرحلة هو إنهاء حكم حماس والقضاء على تجربتها.. ذلك فرض على حماس أن تصرح بنسبها وأن تنادي آباءها الحقيقيين بدون مناورة بين الانتماء الفكري والانتماء التنظيمي والبنيوي للإخوان المسلمين.
وعلى إخوان العالم أن يتنبهوا لخطورة الموقف وأن يكون لهم دور في الدرء عن حركتهم– حماس – وأن يكون تحركهم فاعلا جماهيريا ومؤسسيا وأن يضعوا ثقلهم ووزنهم الاستراتيجي وكل إمكاناتهم في هذه النصرة وأن يَحولوا دون التئام والتمام (أبي جهل وكسرى وقيصر وابن سلول) لانتهاشها وتبديد مكتسباتها .. هذا لا يعني أن حماس ضعيفة أو أن أعداءها وخصومها قد بلغوا غاية المقصود في تهديدها.. والكلام هنا يطول ويتداخل فيه القدري بالسببي، والمحلي بالإقليمي والدولي، والعقائدي بالوطني، والشعبي بالرسمي، والحزبي بالجهوي، وتتداخل فيه قدرة حماس على المبادرة والفعل بقدرتها على الصمود والاستمرار .. ولكن ذلك كله لا يعني في نظر حماس أن تتواكل ولا أن تترك زمام المبادرة ولا أن تغفل عن وضع الأمور في نصابها.
لقد أرادت أن تقول لإخوان العالم كلهم شيئا وللعدو أشياء ؛ أما الإخوان فأرادت أن تقول لهم بكلمات قليلة وعبارات واضحة: نحن أنتم وأنتم نحن ولا انفكاك بيننا، ولا مناص لكم في التخلف عن نصرتنا، ولا معنى بعد اليوم لكلام لا يدعّمه العمل أو لدعوى لا يؤكدها الدليل.. أرادت أن تقول لهم ولأنصارهم خاصة ولكل الإسلاميين والوطنيين عامة: إن نهلك بعد الذي وصلناه فلن تقوم لكم قائمة في شعوبكم ولا في غيرها لعشرات وربما لمئات السنين القادمة، وأرادت أن تقول إن كل من يرفع شعار الله غايتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا هو اليوم على المحك إذ نرفع مثله وإذ ننادي بما ينادي وإذ نعطيه البيعة ! هذه رسالة كبيرة واستراتيجية كان يجب أن تصل بكلمات قليلة قاطعة وجامعة مانعة، وأن يكون لقائلها من الرمزية الإخوانية ثم الحمساوية ما يرفع قيمتها وأهميتها ويلقي عليها القدر الكافي من الجدية.. فجاءت الكلمات ملخصة في قسم البيعة الإخوانية الداخلية.. وكان الملقِّن الذي يلقيها في أفواه الجماهير هو الشيخ عبد الفتاح دخان الذي هو أحد أبرز رموز وقيادات الإخوان الفلسطينيين قبل أن يكون أحد أبرز رموز حماس وقياداتها.
وأرادت حماس أن تقول لأعدائها وخصومها: لن تستطيعوا اجتثاثنا في كل الأحوال وتحت أية ظروف، فحماس هي الإخوان والإخوان هم حماس.. وأرادت أن تقول للذين يزهدون في تجربتها السياسية والجهادية ويحاولون قصرها على الواحدة والعشرين سنة الماضية: إن حماس أبعد منكم تاريخا وأعمق منكم جذورا وأوسع منكم تجربة إذ تنتمي لتاريخ وفكر وإستراتيجية الإخوان المسلمين الذين لم يعد يخلو منهم زمان أو مكان والذين حملوا القضية وقدموا التضحيات وقاتلوا في ثلاثينيات القرن الماضي باسم ثورة القسام وفرحان السعدي، وفي أربعينياته باسم كتائب المجاهدين والمتطوعين وأحمد عبد العزيز وكامل الشريف وفي أواسط ستينياته باسم أبو عمار وأبو جهاد وفي أواخرها باسم معسكرات الشيوخ وأن انتفاضات الـ87 و2000 هي تطور طبيعي ومرحلة مكملة لسلسلة طويلة من الجهود التراكمية ولم تكن البداية كما لن تكون النهاية.
آخر القول: إن انتساب حماس للإخوان لم يكن موضع شك أو تجاهل في يوم من الأيام ولكنه اقتصر على معنى الولاء الفكري والمرجعية الرمزية إلى أن أعلن الشيخ دخان ما أعلنه يوم مهرجان انطلاقة حماس الحادي والعشرين .. ما يعني أن أية مواجهة مع حماس بعد هذا اليوم إذا أخذت منحى استراتيجيا فقد تتجاوز آثارها حدود فلسطين الجغرافية والحزبية.