الثلاثاء، مارس ٢٩، ٢٠١١


الخاسرون والفائزون فى معركة الاستفتاء




لقد مر يوم السبت 19 من مارس 2011 على مصر وكأنه أروع يوم فى تاريخها لتميز العرس الديموقراطى غير المسبوق فى الإقبال الشعبى الكبير على الإدلاء بالصوت فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى أول تجربه ديموقراطية بعد ثورة 25 يناير المجيده , ولقد أفرزت هذه التجربة الفريده عن تغيير حقيقى فى مزاج وسلوك الشعب المصرى الذى مافتئ أن تخلص من الكبت والقهر والظلم فى عهد الطاغية حسنى مبارك حتى انطلق بقوة نحو الحرية والعدالة والنهضة وهو يسير على الطريق الصحيح لبناء مصر الحره

ولقد انتهت نتيجة الإستفتاء فأفرزت خاسرين وفائزين

الخاسرون ليسوا هم من قالوا لا ولكنهم إفراز نكد لنتيجة الشحناء والبغضاء والتلبس :

1 – كل من ساهم فى تأجيج مشاعر الشعب المصرى واللعب على عواطفه ودغدغة مشاعره واجباره على التصويت فى اتجاه معين بأساليب رخيصه وتوظيف الإعلام المقروء والمسموع والمرئى لذلك , وهنا ملاحظة مهمه , أن لكل انسان أو كيان أو حزب الحرية الكامله فى دعوة الشعب المصرى للتصويت بنعم أو لا ولكن فى حدود الإختلاف الطبيعى وليس بالتخوين والتأثيم والتجييش وكأنها معركة حياة أو موت

2 – فلول الحزب الوطنى التى صوتت أغلبيتها بلا وليس كما تم تصويره فى وسائل الاعلام أنهم سيصوتون بنعم وكان القصد الوقيعة بتيار سياسى معين ووضعه فى خانة واحده مع هذه الفلول الجريحة التى تحاول الانقضاض على الثورة أو الالتفاف حولها وقام الاعلام بتصوير ذلك بدون مراعاة للمهنية وميثاق الشرف الصحفى

3 – كل من حاول أن يتصيد فى الماء العكر ويصوت بلا عنادا واستكبارا بسبب تصويت تيار معين بنعم ولم يراع الضمير الوطنى ولانظرة على مستقبل البلد المهدد

4 – كل من زعم أن التصويت بنعم هو خيانه لدماء الشهداء وانقضاض على الثورة

5 – كل من زعم أن التصويت بنعم هو واجب شرعى بحسن نيه أو سوء نية لأن معنى الذين يصوتون بلا يأثمون بخروجهم عن هذا الواجب الشرعى والمسألة لاتعدوا سوى اختلافا فى الرأى وهو من المباح وليس فى حدود الحلال والحرام

6 – الذين راهنوا على أنها معركة بين القوى السياسية الناهضة والقوى السياسية المتجذره ونتيجة المعركه لديهم فى حالة انتصار لا هى بروز التيار الثورى وخفوت التيار الأصيل

7 – كل من لا يحترم نتيجة الاستفتاء ويحاول ويناور للالتاف على خيار الشعب المصرى وتأجيج المشاعر والتهديد والوعيد

8 – الذين لم يخرجوا للإدلاء بأصواتهم من غير عذر مقبول لأنهم ساهموا فى التقليل من نسب التصويت العالية رغم التسهيلات الكبيره بالتصويت ببطاقة الرقم القومى

9 – الذين جيشوا الجماهير على أساس طائفى بدعوى أن المسلمين يصوتون فى اتجاه معين ونسيوا أو تناسوا أن أغلبية الشعب من المسلمين وأن المسلمين منقسمون بين نعم ولا

أما الفائزون فى معركة الاستفتاء فليسوا هم من قالوا نعم فقط :

1 – الشعب المصرى العظيم بكافة أطيافه شبابا وشيوخا ونساء وبمسلميه ومسيحييه الذى خرج عن بكرة أبيه يوم الاستفتاء ليعبر عن رأيه ويصنع مستقبله بغض النظر عن رأيه بنعم أولا

2 – الشعب المصرى الذى اصطف طوابير طويله جدا أمام لجان الاقتراع نساء ورجالا من دون ضجر أو قلق أو تعب وبحب وشغف ليصنع الديموقراطيه وليس أمام طوابير للحصول على رغيف الخبز أو أنبوبة الغاز أو فراخ الجمعية

3 – الذين قالوا لا من باب الغيره على مصلحة الوطن واستمرار الثورة سواء أخطأوا أم أصابوا وقبلوا الرأى الآخر ولم يخونوا أو يأثموا أو يؤججوا المشاعر ويصنعوا الفتنة

4 – القوات المسلحة المصرية الباسلة وقوات الشرطة والوزارة المحترمة بقيادة الدكتور عصام شرف الذين وقفوا جميعا على الحياد ولم يتدخلوا فى سير العملية الديموقراطية

5 – القضاه الشرفاء الذين صنعوا المجد بالأداء المتميز والشفافية العالية وأخرجوا استفتاء هو الأكثر شفافية ومصداقية فى تاريخ مصر

6 – كل وسائل الاعلام التى وقفت على الحياد وهى قليله ولم تقع فى فخ التوجيه أوالتضليل

أنا لست قلقا من التجييش الاعلامى والمجتمعى والدعائى الذى حدث قبل يوم الاستفتاء حتى ظهر كيوم معركه لأن ذلك يعد طبيعيا فى شعب يتحول الىالديموقراطيه بعد كبت واستبداد وفساد استمر لستة عقود

وبعدها ستكون استراحة والتقاط الأنفاس وليعلم كل مواطن أين أخطأ وفيما أصاب ويقيم ويجرب وينجح ويفشل حتى يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود فى فجر الوطن

د محمد يوسف

أيام الثورة والتحرير



4 – أمن الثوار

منذ المعركة الكبرى فى ميدان التحرير المعروفة بمعركة الجمال والخيول الأربعاء 2 فبراير وأمن الثوار وميدان التحرير أصبحا بالغا الأهمية ففى اليوم التالى تدفق عدد كبير الى الميدان الخميس ( 3 فبراير ) وقام الثوار بتوزيع الأدوار داخل الميدان بحيث تكون هناك حراسة مشددة للمداخل التسعة للميدان

ووصلت الإجراءات المشدده ذروتها يوم الجمعة 4 فبراير عند تدفق المظاهرة المليونية التى احتشد لها الثوار من القاهرة والمحافظات وخضع الجميع للتفتيش الدقيق من قبل حماة الثورة والميدان وكان على كل ثائر أو ثائرة يدخل الميدان أن يبرز بطاقة الرقم القومى عند الدخول وكان الممنوعون من الدخول هم من يحملون كارنيهات أمنية لفروع الشرطة أو الذين لايحملون بطاقات رقم قومى من الأساس ومعظمهم من الخارجين على القانون ( البلطجية )

غير أن تفتيشا ذاتيا يجرى لكل الداخلين من الذكور والاناث بلا استسناء للبحث عن مختلف الأسلحة وكنا نستعين ببعض النساء لتفتيش السيدات والفتيات وكن يخرجن أحيانا أسلحة بيضاء وممنوعات من السيدات الخارجات عن القانون كما كان حراس الثوره يخرجون نفس الممنوعات والأسلحة من داخل ملابس بعض الرجال الخارجين على القانون

كان الهدف من دخول البلطجية ومتعاطى المخدرات لميدان التحرير هو اثارة البلبله والذعر لدى الثوار وبخاصة المعتصمين منهم واجبارهم على فض الاعتصام ومن ثم افشال الثورة

لكن مثيرى البلبلة والذعر والمندسين والمندسات على الثوار لم ينقطعوا أبدا من داخل الميدان

وأذكر أنه يوم السبت 5 فبراير ومئات الألوف تهتف بسقوط مبارك والوتيره فى الميدان واحده ( الشعب يريد اسقاط النظام ) ( مش هنمشى هو يمشى ) فإذا بسيدة ملفته بزيها وملامحها تخترق صفوف الشباب أمام المنصة الرئيسية والإذاعة الرئيسية للثورة فى الميدان وتطلب 50 شابا ليأتوا معها لمقر مجلس الوزراء لمقابلة أحمد بيه عرفت بعد الاستفسار أنه الفريق أحمد شفيق رئيس وزراء مصر الذى عينه الطاغية حسنى مبارك وهى تتحدث للشباب بشغف واستماته فى الحديث لقبول هذه الدعوة وبخاصة – كما قالت - أن مطالب الثوار قد تحققت وأن الحوار ضرورى الآن لكن شباب الثورة قابلها باستهجان ورفض شديدين وكاد يفتك بها بعد أن ألحت فى هذا الحيث مايقرب من ثلاث ساعات متنقلة من مجموعة لأخرى الى أن تنبه الشباب وأصر على اخراجها من الميدان توجهت بعدها لمبنى رئاسة الوزراء القريب

ولم يهدأ المندسون فى بث الفرقة والبلبله بين الشباب الذى كان يقظا ويقوم بإخراج هذه الفئات فورا من الميدان أو تسليمهم للجيش

لم تهدأ الغارات النهارية أو الليلية من قبل البلطجية المدججين بالسيوف والأسلحة البيضاء بمعاونةالأمن الرسمى فى الهجوم من المداخل المختلفة للميدان على الثوار وكان الأبطال من الثوار يواجهونهم بصدور عارية وأحيانا بالطوب وربما بالعصى وفى النهاية يقومون بدحرهم خارج مداخل الميدان بمعاونةالمدد الثورى الذى يأتيهم من وسط الميدان

أقام الثوار المتاريس فى كل المداخل المؤدية للميدان وأحيانا كانت المتاريس على أكثر من خط فى مدخل الميدان والشباب يقيمون أكثر من حاجز للتفتيش وكان أكثر هذه الحواجز وأكثر هذه المتاريس فى مدخل ميدان الشهيد عبد المنعم رياض المتسع والذى ظل البلطجيه من فوق كوبرى 6 أكتوبر المقابل للميدان يتحرشون بالثوار ويلقون عليهم الزجاجات الحارقه والطوب وأيضا الألفاظ النابية السوقية وكانت قناصة الشرطه حتى يوم الأحد 6 فبراير لازالت متواجده على سطح فندق رمسيس هيلتون المقابل لميدان الشهيد عبد المنعم رياض الذى كان نقطة الهجوم من قبل البلطجية ونقطة الضعف فى الميدان بالنسبة للثوار

والى اللقاء مع الحلقة الخامسة (حماة الثورة ) د محمد يوسف